Friday, 19 June 2009

رقائق إيمانية (3) - ديمومة الذكر

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الذي أرسل إلينا نورا من عنده في ذات النبي صلى الله عليه و سلم و القرآن الكريم..
و من علينا بفيوضات رحمته حيث قال لنبيه و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..
و جعله أفقه الناس و أبلغهم و أقصرهم طريقا إلى قلوب الخلق و أتقاهم و أقربهم إلي الحلال و أبعدهم عن الحرام.
و مما أوصانا به حبيبنا أن أحد السبل الراسخة التي تقرب العبد من ربه و تجعله على إتصال دائم بمولاه و تشعره بمعيته , هي الذكر..
عن عبد الله بن بشر رضي الله تعالى عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فدلني على شيء أتمسك به، فقال: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل) خرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ..
في هذا الحديث يتبين لنا كيف كان لرسول صلى الله عليه و سلم مجامع الكلم..
و هذا الرد هو قانون للمحبين و دستور للموحدين "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" فإن الذكر هو سلاح المؤمن و نبراس حياته فبه تسعد حياته و يضئ قلبه و تستنير بصيرته , و كيف لا و قد قال ربنا تبارك و تعالى "و أنزلنا إليكم نورا مبينا"....
"لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" الشئ الرطب هو الشئ الذي لا يفارقه الماء تماما..أي إستمرارية الإتصال بالماء و ملازمته إليه.
و كذلك الذكر لابد أن يكون ملازما للسان المسلم في كل وقت
الذكر يمكن أن يشمل الإستغفار و الصلاة على النبي و قراءة القرآن و التحميد و التهليل و التكبير..
و لم يحدد ربنا تبارك و تعالى حدودا للذكر "يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا"
و من عظيم فؤائد الذكر أنها تلين القلوب و تطمئنها , الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم لذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب..
و من فائده أيضا "فاذكروني أذكركم" و كيف يشقى من ذكره الله؟؟!!
و ممن مدحهم الله "الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم" أي ديمومة الذكر في كل موضع و في كل موقف..
و لك أن تتبين أخي الكريم مدى حرص النبي صلى الله عليه و سلم –و هو خير الذاكرين- أن يجعلنا دائما على ذكر لله في الكثير من الأحاديث و الأفعال و التقريرات و تبين "اللهم إجعل لنا لسانا ذاكرا" و "اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك"
و حتى بعد قضاء المناسك في الحج "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا"
و أيضا أثناء الحرب "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا و أذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون"
و بعد أن تكلم ربنا في موضع آخر عن الصلاة في الحرب قال "فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم فإذا أطمأننتم فأقيموا الصلاة"
و كانوا ممن صنفهم الله فيمن أعد لهم مغفرة و أجرا عظيما حيث قال "و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما"
و سيدنا يونس –عليه السلام- كان من المسبحين فنجا بأمر من الله "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" أي بطن الحوت..
و قد حث النبي و رغب دائما في الأذكار و منها أذكار الصباح و المساء و منها أذكار قبل النوم و دخول الخلاء و الخروج منه و أثناء الآذان و في الوضوء و حتى في جماع الرجل لزوجته و الإستسقاء و الكرب الشديد و العشي و الإبكار فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون...
و هذا لكي يكون المسلم دائم الذكر لمولاه و خالقه.
بالذكر يحي المسلم
بالذكر تنعم حياته
بالذكر يلين قلبه
بالذكر يحصن نفسه من الإنس و الجن
بالذكر يثبت على الطاعة و يغفر له الذلات
بالذكر يبارك له في الرزق و لا يمنع القطر
بالذكر يترقى في درجات الجنة و يسمو في مراتب الإيمان
بالذكر يتحقق الحب و الوصال

يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا

No comments:

Post a Comment